الزراعة

فكرة زرع عضو مكان آخر في جسم الإنسان كانت تمثل خيالاً منذ بداية التاريخ ، ولعل تمثال أبو الهول يمثل هذه الحقيقة منذ أكثر
وكانت تلك خيالات للفنانين حتى تمت محاولات لزرع أعضاء بعض الحيوانات في خلال النصف الأول من هذا القرن ، إلا أن جميع نتيجة لهذه الأبحاث عرف العلماء الأسباب التي تؤدي بالجسم إلى طرد العضو المزروع وعلى رأسهم العالم البريطاني(بيتر مدور) والذي استحق جائزة نوبل في الطب لهذا الاكتشاف الذي مكن العلماء والأطباء من التحكم في التفاعل المناعي للجسم ضد الأعضاء المزروعة باستخدام عقاقير تثبط مناعة الجسم للأعضاء المزروعة مثل:(الأميوران ـ الكرتيزون ـ الأندوكسان ـ السيكلوسبورين) مما أتاح الفرصة للتوسع في عمليات زرع الكلى بدون مخاطر حيث يوجد في الولايات المتحدة حتى الآن أكثر من مائة ألف عملية زرع لى معظمهما منقول من المتوفين حديثاً أو المتبرعين الأحياء.

س1: متى نجحت أول عملية زرع كلى في العالم؟
جـ : عام 1962 بواسطة الطبيب الفرنسي (جان هامبورجير)بمستشفى نيكير بفرنسا مما فتح الطريق أمام إجراء عمليات أخرى لزرع الكلى.

س2: هل يمكن زرع أعضاء أخرى غير الكلى؟
جـ : نعم لأن عمليات زرع الكلى فتحت الباب أمام عمليات أخرى مثل الكبد والقلب والرئتين والأمعاء والبنكرياس ونخاع العظام والقرنية والجلد.

س3: ما هي مصادر الحصول على الكلى لزراعتها؟
جـ : هناك مصدران رئيسيان للحصول على لزراعتها:
أولاً : من إنسان حي سليم :
يتبرع بإحدى كليته ، بشرط حدوث توافق بين أنسجة المتبرع وأنسجة المريض ورغم أن صلة القرابة تزيد من فرص تجانس الأنسجة إلا أن هذا التجانس ممكن أن يكون بين الأغراب
ثانيا: من إنسان حديث الوفاة:
بشرط حدوث تشابه بين الأنسجة ، وذلك بأخذ الكلية من شخص بعد وفاته بفترة قصيرة ونقلها للمريض ، وباستخدام الوسائل العلمية الحديثة أصبح من الممكن التعرف على نسيج المتوفى واختيار أنسب المرضى لزرع الكلى وإجراء العمليات خلال ساعات.

س4: هل المتبرع بالكلى من إنسان حي سليم لآخر تؤثر عليه؟
جـ : التبرع بالكلى من إنسان حي سليم إلى مريض يحتاج لعملية الزرع لا يؤدي إلى مضاعفات أو يفرض أي قيود على أسلوب الحياة أو المجهود العضلى أو القدرة الجنسية أو القدرة على الإنجاب أو التغذية فالمتبرع يصبح شخصاً طبيعياً مدى الحياة بالإضافة إلى تمتعه باحترام وإعجاب الجميع بتضحيته وشجاعته ومساهمته في إسعاد حياة إنسان حياة آخر.

س5: هل هناك بنوك للكلى؟
جـ : نعم ،فنتيجة للتطور المبهر في ابتكار طرق حديثة لحفظ الأنسجة بعد الوفاة في محاليل خاصة ودرجات حراة معينة ولعدة أيام مماثلة تماماً للظروف الطبيعية التي تعيش فيها الكلى ، لذلك أمكن عمل بنوك لحفظ الكلى بعد اسئصالها حية من الموتى خصوصاً بعد الحوادث لحين إرسالها إلى أماكن زراعتها مباشرة مع توافر قاعدة عريضة للمعلومات عن أنسجة المرضى ، أمكن عمل توافق بين المرضى وبنوك الكلى يتم من خلاله إرسال الكلى المراد زراعتها إلى مكان تواجد المريض حيث يتم إجراء العملية له.

س6: كيف تتم عمليات زرع الكلى؟
جـ : تجرى العملية بواسطة طاقم من الجراحين يضم أخصائيين من المسالك البولية والأوعية الدموية والتخدير وأمراض الكلى بالإضافة إلى هيئة التمريض والمساعدين بفريق لا يقل عن عشرين شخصاً ، وتستغرق عملية زرع الكلى حوالي 3ـ4 ساعات تقطع خلالها الدورة الدموية عن الكلى المنقولة لفترة حوالي 30 دقيقة تشمل فترة استئصالها من المتبرع وغسلها بالمحاليل ثم توصيل الشرايين والأوردة ثم توصيل الحالب والمثانة.

س7: هل تستأصل الكلى الأصلية الموجودة في المريض؟
جـ : في حوالي 95% من الحالات لا تستأصل الكلى الأصلية بل تبقى على حالها ما لم يكن منها ضرر كتسببها في الارتفاع الشديد لضغط الدم أو إصابتها بالتهابات صديدية مزمنة ، وفي هذه الحالات يتم استئصالها قبل إجراء عملية الزرع بعدة أسابيع.

س8: متى تعمل الكلى بعد زراعتها؟
جـ : تبدأ الكلى المزروعة نشاطها في إفراز البول بعد زراعتها مباشرة ، وتستمر في العمل طالما أنها لا تتعرض إلى محاولات لرفضها من جسم المريض ، ويبلغ متوسط ما تفرزه الكلى في الأيام الأولى حوالي10 لتر في اليوم بسبب عدم قدرتها على التركيز ويتم استعواضها بحقن الجسم بالمحاليل المختلفة بالوريد ، ثم تبدأ في التأقلم وبعد عدة أيام تستعيد الكلى قدرتها على تركيز البول فتقل كميته إلى معدلها الطبيعي ن وتظهر نتائج تحاليل الدم تحسناً سريعاً بحيث تصبح طبيعية تماماً خلال الأسبوع الأول من العملية.

س9: متى تظهر علامات حدوث رفض للكلى المزروعة؟
جـ : بعد عملية الزرع والتحسن المذهل والسريع لحالة المريض واستغنائه عن عملية الديلزة(الغسيل) المنتظمة وسعادته بالنتيجة إلا أنه في بعض الحالات يحدث رفض الجسم للكلى المزروعة من اليوم الرابع في نسبة تتراوح ما بين 30ـ40% من الحالات ، وتظهر علامات ذلك بنقص حجم البول وارتفاع ضغط الدم وقصور في وظائف الكلى المزروعة يصاحب ذلك آلاماً بالجسم والمفاصل مع ارتفاع في درجة الحرارة ، ومن حسن الحظ أن الجسم المريض يستجيب للعلاج في أكثر من 30% من الحالات ، ويوقف مهاجمته ورفضه للكلى الجديدة المزروعة ولا تستطيع الكلى المزروعة التأقلم مع الأجهزة المناعية للجسم مما يؤدي إلى حدوث عملية الرفض التام التي تنتهي إلى فشل عملية الزرع واحتياج المريض إلى عملية زرع أخرى بتوافق أنسجة أكثر ملائمة لجسمه.

س10: ما هي نسبة فشل علميات زرع الكلى ؟
جـ : من نعم الله اكتشاف الأطباء مبكراً محاولات الرفض الحادة للكلى المزروعة وسهولة علاجها بالاستجابة المؤكدة للعلاج الدوائي بجرعات من الكرتيزون في فترة تتراوح ما بين 3ـ 6 أيام وأقل من 3% من مرضى الرفض الحاد لا تنجح فيهم المحاولة . وعادة يصاب المريض بواحدة أو اثنين من محاولات الرفض خلال الشهور الأولى من عملية الزرع ولكن عادة ما يستجيب المريض للعلاج ، ولكن إذا زادت محاولات الرفض عن ذلك مما يدل على عدم تأقلم بين الكلى المزروعة وأجهزة المناعة في جسم المريض ، وبزيادة عدد محاولات الرفض تزداد فرص فشل الكلى المزروعة ، وتقدر نسبة الفشل بحوالي 10% سنوياً في السنة الأولى حتى تصل إلى 40% في السنة الخامسة و65% في السنة العاشرة ، ولا يعني فشل الكلى المزروعة وفاة المريض إذ يمكن علاجه بالديلزة (الغسيل الكلوي)، ويفضل المتبرعون المناسبون متواجدين.

س11: هل يتم إزالة الكلى المرفوضة؟ 
جـ : نعم، يجب أن تزال الكلى المزروعة إذا تم رفضها تماماً من الجسم وذلك لتجنب المضاعفات الناتجة عن عدم التوافق مثل استمرار ارتفاع الحرارة والبولينا والكرياتنين بالدم وحدوث آلام بالمفاصل والعضلات فضلاً عن ارتفاع ضغط الدم.

س12: هل هناك فرصة لإعادة زراعة كلى أخرى بعد رفض الجسم للكلى المزروعة ؟
جـ : نعم يمكن إعادة محاولة زرع كلية أخرى سليمة أكثر تجانساً مع أنسجة المريض مادامت شرايين الجسم تتحمل زرع كلية سليمة مع أخذ كل الاحتياطات الطبية اللازمة لتجنب الرفض ثانياً.
المحاولات باءت بالفشل بعد ساعات أو أيام من زراعتها بعد أن لفظها الجسم بدون سبب واضح لهذا الطرد للعضو المزروع واستمر هذا الوضع حتى أوائل الأربعينات حين قام أحد العلماء البريطانيين بزراعة الجلد من فأر إلى آخر ، وأثبت في أبحاثه أن سبب الطرد يرجع إلى حالة مناعية بحته ، لأن أي عضو جديد مزروع في جسم الإنسان يعامل كأنه جسم غريب (كالطفيليات ـ والبكتريا) ويبدأ الجسم في التفاعل ضده مما يؤدي إلى قطع الدورة الدموية عنه وتلف أنسجته وطرده من الجسم.
من سبعين قرناً، فرأس الملك خفرغ مزروع على جسم أسد رمزاً للقوة وتوالت الأيام والحضارات ليجسدها مرة أخرى في العصر الحديث المثال المبدع (محمود مختار) في تمثاله نهضة مصر ليرمز للمصريين برأس الإنسان وجسم الأسد.
س13: ما هي أسباب وفيات مرضى زرع الكلى؟
جـ : ترجع معظم الوفيات إلى الأسباب الآتية:
أ ـ الإصابة بالفيروسات والبكتريا ، وذلك نتيجة لتثبيط المناعة عند المرضى بالأدوية.
ب ـ قلة الإجراءات الوقائية قبل إجراء العملية والحاجة إلى عزل المريض في المراحل الأولى أو تحاشي التعرض للميكروبات الضارة
جـ ـ سوء استعمال العقاقير الوقائية.
دـ تصلب الشرايين خصوصاً عند مرضى ارتفاع ضغط الدم أو السكر أو كبار السن.
هـ ـ عدم إتباع نظام غذائي سليم بعد عمليات الزرع خصوصاً الدهنيات التي تؤثر على الأوعية الدموية للكلى المزروعة.
وـ الأورام بالكلى المزروعة أو بالجسم نتيجة تثبيط مناعة الجسم التي تقل قدرته على القضاء على بعض الخلايا التي لا تحترم النظام وتقدر نسبة الإصابة بالأورام بحوالي 5% خلال 10 سنوات الأولى و10% خلال 20 سنة من زرع الكلى ، وهي نسب عالية جداً للأورام تفوق النسب التي تحدث للأشخاص الطبيعيين ولكنها بالنسبة لمضاعفات زرع الكلى تكون ضئيلة للغاية.
ولاشك أن عمليات زرع الكلى قد نهضت بالطب في مواجهة مرضى الفشل الكلوي وإن كانت لها مضاعفاتها ومشاكلها.

س14: هل هناك فرق بين زراعة الكلى من متبرع قريب للمريض وبين متبرع لا توجد صلة قرابة له بالمريض؟
جـ : نعم ، فإذا كان المتبرع من أقرباء المريض (كأخ أو الأخت أو أحد الوالدين) كان التوافق أفضل وقل رفض الجسم للكلى المزروعة وتعطى الجراحة نتائجاً أفضل ، وتعمل الكلى المنقولة لوقت أطول بصورة أفضل ، أما إذا كانت لا توجد صلة قرابة بالمريض فهذه نتائجها أقل من نتائج نقل الكلى من الأقرباء .
أما في حالة نقل الكلى من جثة متوفى بعد موته الإكلينيكي بوقت قصير أى خلال ساعتين فنتائجها أقل بكثير من الحالتين السابقتين.

س15: أين توضع الكلى المزروعة ؟
جـ : الكلى الأصلية الموجودة في المريض تبقى على حالتها ولا تمس ما لم يكن هناك ضرر منها ، أما الكلى المزروعة فغالباً ما توضع في أسفل البطن من الناحية اليمنى أو اليسرى في غير مكانها الطبيعي ، وتوصل شرايينها وأوردتها بشرايين وأوردة الحوض ، ويوصل حالبها بالمثانة البولية.

س16: هل تستأصل الكليتان الأصليتان قبل نقل كلى جديدة؟
جـ : عادة لا تستأصل كليتا المريض بل تبقى في مكانها ولا يستدعي استئصال الكليتين أو إحداهم إلا في حالات وجود التهاب مزمن أو عدم التحكم في ضغط الدم بالأدوية.

س17: هل تعمل الكلية المنقولة بعد الجراحة؟جـ : نعم تعمل الكلية المنقولة بعد العملية الجراحية مع إدرار فوري للبول.

س18: ما مدة بقاء المريض في المستشفى بعد الجراحة؟
جـ : بعد إجراء العملية ، ولعدة أيام يبقى المريض في عزلة عن المرضى والزوار حتى لا تنقل إليه العدوى بالميكروبات ، وذلك لضعف مناعته نظراً لأن المريض يكون تحت علاج مكثف بمثبطات المناعة في فترة ما قبل العملية ، وعادة تمنع عنه الزيارة ولا يسمح له بتناول طعامه مع المرضى ويبقى في العزلة مدة يومين أو ثلاثة بعد إجراء العملية.

س19: هل يمارس المريض حياة طبيعية بعد عملية نقل الكلى؟
جـ : بعد عملية نقل كلى ناجحة تنخفض نسبة البولينا والكرياتنين إلى النسب الطبيعية ، ويسمح للمريض بعد فترة حوالي أسبوعين بتناول وجبات طبيعية ذات قيمة غذائية عالية من البروتينات والسعرات الحرارية وبعد حوالي 6ـ10 أسابيع يعود المريض إلى حالته الطبيعية ويختفي من وجهه الشحوب نتيجة لتحسن الأنيميا وتزداد كمية البول ، ويبدأ المريض في اكتساب زيادة في الوزن والتحسن العام حالته الصحية وينخفض ضغط الدم ، كذلك تتحسن حالة المريض الجنسية عند الرجال خلال 6 شهور وتتمكن المرأة أن تحمل حملاً طبيعياً وأن تلد أطفالاً طبيعيين كما تتحسن حالة العظام تحسناً كبيراً .

س20: مريض السكر الذي أصيب بفشل كلوي مزمن هل يمكن زرع كلية له؟
جـ : نعم ، يمكن إجراء جراحة لزرع كلى ، ولكن بشروط معينة وهي:
1ـ التأكد من عدم إصابة الشرايين والأوعية الدموية لجسمه بتصلب مبكر كمضاعفات للسكر.
2ـ التأكد من خلو المريض من الإصابة الميكروبية أو الفيروسية حيث أنه أكثر تعرضاً لها.
3ـ ضبط السكر باستمرار.
4ـ الحد من استخدام الكرتيزون بعد عمليات زرع الكلى لمرضى السكر لأنه يؤدي إلى ارتفاع حاد في نسبة السكر.
5ـ عند اختيار المتبرع من الأقارب يجب التأكد من أن المتبرع لا يعاني من أمراض السكر ولا يوجد مؤشراً لاحتمال إصابته بهذا المرض مستقبلاً .

س21: ما هي الفتوى الشرعية الإسلامية للموتى الذين يمكن أخذ الكلى منهم؟
جـ : يعتبر شرعاً الشخص قد مات ، وتترتب جميع الأمور المقررة شرعاً للوفاة عن ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين:
1ـ إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً وحكم الأطباء بأن التوقف لا رجعة فيه.
2ـ إذا تعطلت جميع وظائفه الدماغية تعطلاً نهائياً ، وحكم الأطباء المختصون بأن هذا التعطل لا رجعة فيه ، وأخذت أنسجة مخه في التحلل وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص ، وإن كان بعض الأعضاء كالقلب مثلاً لا يزال يعمل آلياً ببعض الأجهزة المركبة.